علم الخوارق (Parapsychology) هو مجال بحثي يدرس الظواهر التي تتجاوز الفهم العلمي التقليدي والتي لا يمكن تفسيرها بالقوانين الطبيعية المعروفة. يشمل علم الخوارق مجموعة متنوعة من الظواهر مثل التخاطر، الاستبصار، التحريك النفسي، والظواهر الروحية. يعتبر هذا المجال من العلوم الجدلية، حيث يُشكك الكثير من العلماء في صحة هذه الظواهر نظراً لعدم وجود أدلة قاطعة تثبتها.
يعود الاهتمام بالظواهر الخارقة للطبيعة إلى العصور القديمة، حيث كان يُعتقد أن السحر والشعوذة والقوى الروحية لها تأثير حقيقي على الحياة اليومية. في الحضارات القديمة مثل مصر، بابل، والهند، كانت هناك ممارسات دينية وسحرية تعتبر تجسيداً للقوى الخارقة.
في العصور الوسطى، كانت الخوارق موضوعاً شائعاً في الأدب والفلكلور. في هذه الفترة، كان هناك اعتقاد واسع بوجود السحر والشياطين والملائكة والقديسين الذين يمكنهم التدخل في حياة البشر.
بدأت الدراسات المنهجية لعلم الخوارق في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مع ظهور الاهتمام بالتحليل العلمي للأحداث الخارقة. تأسست جمعيات مثل جمعية البحوث النفسية (SPR) في بريطانيا في عام 1882 لدراسة هذه الظواهر بشكل علمي.
الظواهر الخارقة للطبيعة:
- التخاطر (Telepathy): التخاطر هو القدرة على التواصل بين العقول بدون استخدام الحواس الخمس. يعتبر التخاطر أحد أكثر الظواهر الخوارقية شهرة واهتماماً في علم الخوارق.
- الاستبصار (Clairvoyance): الاستبصار هو القدرة على معرفة المعلومات عن الأشخاص أو الأحداث أو الأشياء دون استخدام أي من الحواس الخمس. يشمل ذلك رؤية المستقبل (التبصر) أو معرفة معلومات خفية عن الحاضر أو الماضي.
- التحريك النفسي (Psychokinesis): التحريك النفسي هو القدرة على تحريك الأشياء أو التأثير على المادة باستخدام العقل فقط. يعتبر هذا النوع من الظواهر نادرًا جدًا وقد تم دراسته بشكل واسع في الخيال العلمي.
- الظواهر الروحية (Spiritual Phenomena): تشمل هذه الظواهر التواصل مع الأرواح أو الكيانات غير المرئية، والتجارب الخارجة عن الجسد، والظواهر الروحية الأخرى مثل البيوت المسكونة والظهورات الروحية.
البحث العلمي والتحديات:
- التجارب العلمية: حاول العديد من الباحثين إجراء تجارب علمية للتحقق من صحة الظواهر الخوارقية. تُجرى هذه التجارب عادةً في بيئات محكمة ومراقبة بدقة لتجنب التحيز والأخطاء. ومع ذلك، فإن النتائج غالباً ما تكون مثيرة للجدل وغير حاسمة.
- التحديات والانتقادات: يواجه علم الخوارق انتقادات واسعة من المجتمع العلمي. يعتبر العديد من العلماء أن هذه الظواهر ليست سوى تفسيرات خاطئة لأحداث طبيعية أو ناتجة عن خداع واحتيال. كما أن عدم القدرة على إعادة إنتاج النتائج بشكل موثوق يعتبر تحديًا كبيرًا لهذا المجال.
أمثلة على الباحثين البارزين:
- جوزيف بانكس راين (B. Rhine): يُعتبر جوزيف بانكس راين واحدًا من أبرز الباحثين في مجال علم الخوارق. أسس مختبر باراسيكولوجي في جامعة ديوك في الثلاثينيات من القرن العشرين، وأجرى تجارب موسعة على التخاطر والاستبصار باستخدام بطاقات زينر.
- تشارلز ريشيت: حصل تشارلز ريشيت على جائزة نوبل في الطب عام 1913، وكان له اهتمام كبير بدراسة الظواهر الروحية والتحريك النفسي. أسهم في تأسيس الجمعية الدولية للبحث النفسي.
علم الخوارق هو مجال معقد ومثير للجدل، يجمع بين الفضول البشري حول المجهول والرغبة في فهم الظواهر التي تتجاوز التفسير العلمي التقليدي. على الرغم من الانتقادات والتحديات، يستمر البحث في هذا المجال سعياً وراء فهم أعمق للقدرات البشرية والإمكانات الخفية. يبقى علم الخوارق موضوعًا يجذب الكثير من الاهتمام والتساؤل، سواء في الأوساط العلمية أو بين عامة الناس.
كاتب وباحث في علوم ما وراء الطبيعة والخوارق
وعلوم القوى المجهولة