قصة الصوت تحت الوسادة

0
(0)

لم تكن “رنا” تخشى الظلام. كانت تفضّله. في الظلام لا أحد يرى ما بداخلها.

الغرفة صغيرة، مرتبة، لا شيء فيها غريب. النافذة مغلقة بإحكام. الباب موصد. الهاتف مطفأ. لكنها لم تكن تنام. لا منذ تلك الليلة التي بدأت فيها الأصوات.

كان الهمس أولًا خافتًا، يأتي مع دقات قلبها. تظنه جزءًا منها، ثم يتضح أنه ليس كذلك.

تحت الوسادة… هناك شيء ما.

ليلة تلو الأخرى، كانت تسمعه. الصوت… أنثوي، رقيق، لكنه يحمل شيئًا غريبًا، كأن صدىً من ماضٍ لا تذكره. كان يناديها باسمها، مرة، ثم اثنتين، ثم يكرر الاسم ببطء، وكأنه يختبره، يختبرها.
“رنا…”
“رااانا…”
ثم يصمت، كمن ينتظر ردًّا.

وفي كل مرة، كانت تتظاهر بالنوم. تغلق عينيها، تشد الوسادة، وتحبس أنفاسها.

لكن الصوت كان يزداد وضوحًا، وأكثر من ذلك… كان يتغير.

في الليلة السابعة، أدركت أن الصوت صار مألوفًا.

لقد سمعته من قبل… في تسجيل قديم بصوت والدتها، ذلك التسجيل الوحيد الذي تبقّى لها منها قبل أن ترحل فجأة. لكن كان في النبرة شيء غير أمومي، شيء بارد… كأنه صوت أم تنظر لطفلتها من داخل قبرها.

وفي الليلة التاسعة، لم يكن الصوت صوت الأم.

كان صوتها هي. بصوتها، بطريقتها، حتى أنفاسها المتوترة كانت مألوفة.

لكن الكلمات تغيرت.

لم يكن نداءً باسمها، بل جملًا مقتضبة، مثل:
“أنا هنا.”
“انظري تحتي.”
“لقد نسيتيني.”

رنا لم تكن تتحدث. لم تكن تحلم. كانت مستيقظة تمامًا، تشعر بقطرات العرق تسيل على رقبتها، وتشعر بثقل الوسادة فوق قلبها، لا رأسها.

وفي الليلة العاشرة، فعلت ما لم تفكر فيه من قبل.

رفعت الوسادة.

فلم تجد شيئًا.

لا هاتف، لا مسجل، لا شيء.

لكن ما إن أعادت الوسادة إلى مكانها، حتى شعرت بنبض. كأن الوسادة تنبض. كأن تحتها… لحم حيّ.

قفزت من السرير، تركت الغرفة، أقسمت أنها لن تنام فيها مجددًا.

لكن أينما وضعت رأسها، في أي مكان، في أي منزل، الصوت عاد.

تحت كل وسادة، كان ينتظرها… صوتها هي.

ليس وهمًا. ليس جنونًا.

بل ذاكرةٌ تُدفن كل يوم، وتحاول الصعود.

وفي الليلة الأخيرة، أخيرًا فهمت.

الصوت لم يكن يريد الحديث.

كان يريد أن يأخذ مكانها.

ومنذ تلك الليلة… لم يسمع أحد صوت “رنا” من جديد.

لكن الوسادة، كل من استخدمها بعد رحيلها…
كان يسمع همسًا جديدًا.

بصوت أنثى مجهولة… تناديه باسمه.

ما مدى فائدة هذه التدوينة؟

انقر على النجمة لتقييمها!

Share this content:

cropped-AHW-logo-8-150x150 قصة الصوت تحت الوسادة
منشورات أخرى

راوي قصص - رابطة أدب الرعب

error: Content is protected !!