تشينغ شيه (Ch’ing Shih) ليست شخصية أسطورية خيالية، بل قرصانة حقيقية تحولت إلى رمز أسطوري في الفلكلور البحري الصيني. وُلدت في أواخر القرن الثامن عشر، وأصبحت واحدة من أخطر وأقوى القراصنة في التاريخ، إذ قادت أسطولًا يضم أكثر من 300 سفينة وعشرات الآلاف من الرجال، في فترة عُرفت بذروة القرصنة في بحر الصين الجنوبي.
بدأت حياتها كعاملة في دار ترفيه عائم، ثم تزوجت من زعيم قراصنة قوي يدعى تشنغ يي. بعد وفاته، استلمت القيادة بنفسها — في أمرٍ غير مألوف آنذاك — وأثبتت مهارة استثنائية في التنظيم العسكري والإدارة الصارمة. تحت قيادتها، أصبحت “أسطول الرايات الحمراء” قوة مرعبة واجهت البحرية الصينية، والبرتغالية، وحتى البريطانية.
تكتسب تشينغ شيه في الفلكلور البحري صورةً أقرب إلى كيان أسطوري مرعب، حيث تُروى عنها قصصٌ بأنها كانت لا تُقهر، وأنها أبرمت “عهودًا سوداء” مع الأرواح البحرية لتحصل على الحماية والقوة. ولهذا تُذكر في بعض الأساطير الشعبية بوصفها “سيدة البحر الملعونة”، وأن روحها لا تزال تتجول في العواصف البحرية.
في الواقع، انتهت حياتها بشكل مختلف عن مصير أغلب القراصنة: فقد تفاوضت مع الحكومة الصينية، ونالت عفوًا كاملاً، وتقاعدت ثرية محترمة. لكن سمعتها المخيفة جعلتها تتحول إلى رمزٍ يختلط فيه التاريخ بالأسطورة، وتُستحضر في العديد من الحكايات عن البحر والموت والعواصف.
رمزيًا، تمثل تشينغ شيه السلطة المظلمة غير القابلة للكسر، والمرأة التي أصبحت أسطورة حيّة، كما ألهمت شخصيات روائية وسينمائية عديدة في أدب الرعب والمغامرات البحرية.