Afrit – العفريت

يُعد العِفريت من أبرز الكائنات في الموروث العربي والإسلامي، ويُصوَّر في الأساطير الشعبية على أنه من أخطر أنواع الجن وأكثرهم دهاءً وقوة. يُقال إن العِفريت لا يشبه باقي الجن في طباعه، بل يتميز بطاقة هائلة وقدرة خارقة على التلاعب بالبشر وفرض هيبته في الأماكن التي يسكنها. وتصفه الروايات بأنه مارد عظيم الجثة، سريع الحركة، لا يُرى بالعين المجردة، لكنه يُشعِر من حوله بوجوده من خلال البرد المفاجئ، أو أصوات الهمس، أو الظلال المتحركة في الظلام.

يُقال إن العِفريت لا يظهر دائمًا بهيئته الحقيقية، بل يستطيع أن يتشكل في صورة إنسان أو حيوان، وغالبًا ما يختار هيئة تثير الرهبة أو تُشبه أشخاصًا يعرفهم الضحية. وتربطه الحكايات القديمة بالخرائب، والمقابر، والآبار المهجورة، والصحارى التي تخلو من الناس، حيث يُعتقد أنه يتربص بالمارة المنفردين ليلاً. وفي بعض الحكايات يُوصف بأنه لا يهاجم مباشرة، بل يراقب ضحيته ويحيطها بالكوابيس والهلوسات قبل أن يُظهر قوته.

تختلف طبيعته بين الشر والدهاء؛ فبعض الروايات تجعله شيطانًا متمردًا على القوانين، لا يطيق ذكر الله ويهرب من الطقوس الدينية، في حين تصفه روايات أخرى بأنه حارس للأماكن الملعونة أو الكنوز المدفونة، ولا يسمح بالاقتراب منها. وكان يُعتقد أن من يحاول نبش كنزٍ حُرس بالعفريت من دون تحصين روحاني يختفي أو يُصاب بالجنون.

كما ارتبط العِفريت في التراث الأدبي بقصص ألف ليلة وليلة، إذ يظهر ككائن مغرور بقوته، قادر على الطيران وحمل البشر من مكان إلى آخر، وكثيرًا ما يُحبس في قوارير أو مصابيح بسحر قوي، ويثور إن أُطلق سراحه بعد قرون من الحبس. وتروي إحدى أشهر الحكايات أنه أقسم على قتل من أطلقه بعد أن احتُجز طويلاً، ما جعله رمزًا للغضب والانتقام.

العِفريت في الذاكرة العربية ليس مجرد جن عابر، بل كيان يتجسد فيه مزيج من القوة الخارقة والغضب المكبوت والمكر الشيطاني. إن حضوره في الحكايات والأساطير الشعبية يعكس خوف الإنسان العميق من المجهول، ومن قوى الظلام التي تراقب بصمت وتنتظر اللحظة المناسبة للظهور.

error: Content is protected !!