جيل دو ري هو شخصية تاريخية حقيقية مثيرة للجدل، يُنظر إليها كأحد أكثر الرجال رعبًا في أوروبا في العصور الوسطى. وُلِد في فرنسا عام 1405، وكان في بدايات حياته من النبلاء البارزين وقائدًا عسكريًا شجاعًا، وقد قاتل إلى جانب جان دارك في حرب المئة عام، وذاع صيته كبطل قومي في شبابه. لكن هذه الصورة البطولية كانت تخفي خلفها أحد أحلك الأسرار في التاريخ الأوروبي.
بعد انتهاء الحرب وموته البطولي السياسي، انغمس جيل دو ري في حياة من الترف والطقوس الغامضة، وأصبح مفتونًا بالخيمياء والسحر الأسود. كان يؤمن بإمكانية استحضار الشياطين للحصول على الثروة والقوة، ويقال إنه شارك في طقوس استحضار شيطانية عدة على أمل إبرام عهد مع الشيطان يمنحه كنوزًا لا تنضب. هذا الانغماس المظلم لم يكن مجرد بحث روحي، بل ارتبط بسلسلة مروعة من الجرائم.
تتهمه الوثائق التاريخية بأنه اختطف وقتل عشرات الأطفال — وربما المئات — في طقوس دموية يُعتقد أنه كان يقدّمهم كقرابين شيطانية. وقد عُثر في قلعته على أدلة دامغة جعلت الكنيسة والسلطات تحاكمه بتهم الهرطقة، والشذوذ، والقتل الطقوسي. وفي عام 1440، أُدين رسميًا وأُعدم شنقًا وحرقًا.
مع مرور الوقت، تحوّلت قصته إلى أسطورة سوداء تُمزج فيها الحقيقة بالخرافة. وصار يُذكر اسمه في الفلكلور الأوروبي كأحد أبرز من ارتبطت أفعالهم بالشيطان، بل واعتُبر أحد النماذج المبكرة لشخصية “القاتل المتسلسل” قبل ظهور هذا المصطلح بقرون. كما ألهمت قصته عددًا من الأعمال الأدبية التي استحضرت صورته كـ«النبلاء الملعونين» الذين باعوا أرواحهم للظلام.