Reincarnation – التقمّص / تناسخ الأرواح

التقمص، أو تناسخ الأرواح، هو اعتقاد ميتافيزيقي وروحي قديم يرى أن الروح لا تموت بموت الجسد، بل تنتقل لتولد من جديد في جسدٍ آخر، لتكمل مسارها في التعلم والتطور عبر حيواتٍ متتالية. هذا المفهوم من أقدم المعتقدات في تاريخ الإنسان، ويمثل جوهر العديد من الديانات والفلسفات الشرقية.

الجذور التاريخية:
تعود فكرة التقمص إلى حضارات الهند القديمة، وظهرت بوضوح في الهندوسية، البوذية، والجينية. كما وُجدت إشارات مشابهة في الفلسفة اليونانية القديمة، خصوصًا لدى فيثاغورس وأفلاطون، الذين تحدثوا عن “عودة النفس إلى الجسد” بعد فترات من التطهير الروحي. وفي التراث الصوفي الإسلامي ظهرت إشارات محدودة لمفاهيم قريبة، لكنها بقيت مثار جدل لاهوتي كبير.

المفهوم الروحي:
وفقًا لهذا الاعتقاد، كل حياة جديدة تمثل مرحلة من تطور الروح، حيث تختبر تجارب مختلفة لتتعلم الدروس التي تقرّبها من الكمال أو التحرر النهائي (Moksha أو Nirvana). ويُقال إن نسيان الحيوات السابقة ضروري ليبدأ الإنسان من جديد دون ثقل الذاكرة القديمة.

العلامات الروحية للتقمص:

  • ذكريات غامضة أو صور ذهنية من أماكن لم يُزرها الشخص من قبل.

  • مشاعر انتماء قوية لثقافات أو عصور بعيدة.

  • خوف أو حب مفرط لأشياء غير مفسَّرة (كالنار، البحر، أو الأسلحة).

  • لقاء أشخاص يُشعرون المرء بأنه يعرفهم منذ زمن بعيد.

في الدراسات الحديثة:
وثّق باحثون مثل إيان ستيفنسون (Ian Stevenson) في جامعة فرجينيا مئات الحالات لأطفالٍ يروون تفاصيل دقيقة عن “حيواتهم السابقة”، بعضها أثبت تطابقًا مع سجلاتٍ حقيقية لأشخاص متوفين، مما أعاد فتح النقاش العلمي حول الظاهرة.

في البعد الفلسفي والماورائي:
التقمص يُعد أحد التفسيرات للعدالة الكونية، حيث يُكافأ الإنسان أو يُبتلى في الحيوات القادمة بناءً على أفعاله السابقة — ما يُعرف بقانون الكرما. لكنه أيضًا يحمل معنى أعمق: أن الموت ليس نهاية، بل انتقال في دورة لا تنتهي من الوجود والوعي.

رمزيًا، يمثل التقمص رحلة الروح الأبدية بين الظلال والنور، بحثًا عن الحقيقة التي لا تزول، مهما تغيّر الجسد أو الزمان.

error: Content is protected !!