الجماجم الصارخة هي واحدة من أكثر الأساطير الإنجليزية والسلطانية غرابة وغموضًا، وتُروى عنها قصص في القرى الريفية منذ القرون الوسطى. تدور حول جماجم يُقال إنها تصرخ أو تُصدر أصواتًا مرعبة عندما تُنقل من مكانها أو تُهان، وكأن روح صاحبها ما زالت حبيسة داخلها، ترفض الانفصال عن موطنها الأصلي.
أشهر هذه الجماجم هي جمجمة بيت بيتنجهام (Bettiscombe Skull) في دورست بإنجلترا، والمعروفة باسم The Screaming Skull of Bettiscombe Manor. تقول الأسطورة إن الجمجمة تعود لعبدٍ إفريقي مات في القرن السابع عشر بعد أن أوصى أن يُدفن في موطنه الأصلي. لكن عندما لم تُنفذ وصيته ودُفن في الأرض الإنجليزية، بدأت صرخاتٌ مرعبة تُسمع من البيت ليلاً، فاستخرج الجسد وبقيت الجمجمة في القصر، ومنذ ذلك الحين لم يجرؤ أحد على نقلها.
توجد جماجم مشابهة في أماكن أخرى من بريطانيا، مثل واردلي هول وبيرتون أغنيس، وجميعها تشترك في نفس النمط: أي محاولة لإزاحة الجمجمة تجلب لعنة أو أصوات صراخٍ خارق للطبيعة.
من الناحية الميتافيزيقية، يُقال إن هذه الجماجم هي بقايا روحية غير متحررة، تحتجز فيها طاقة قوية من الظلم أو الندم أو الرغبة في العودة إلى الوطن. وفي بعض التقاليد السحرية القديمة، كانت الجماجم تُستخدم كـ “حاويات للروح” أو كوسيلة للتواصل مع الموتى، ما يجعلها رموزًا قوية بين العالمين.
أما من الناحية العلمية، فيُفسّر الأمر على أنه مزيج من الإيحاء الشعبي، الأصوات الطبيعية في المنازل القديمة، والرهبة النفسية المتوارثة عبر الأجيال.
رمزيًا، تمثل الجماجم الصارخة صوت الموت الذي لم يجد راحته — تذكيرًا بأن بعض الأرواح لا تهدأ، وأن ما يُدفن خطأ… قد ينهض احتجاجًا.